الغضب المكبوت
الغضب المكبوت
الغضب هو شعور طبيعي يجب التعامل معه بطريقة أو بأخرى. عادة ما يتعامل الناس مع غضبهم بأحد هذين الأسلوبين، التحويل إلى الخارج أو إلى الداخل .
يعرف الغضب الداخلي باسم “الغضب المكبوت“، ويمكن أن يتخذ أشكالاً مختلفة. سنناقش في هذا المقال ما يدفع الناس إلى قمع غضبهم.
الأشخاص الذين يقمعون الغضب يحتفظون به داخل أنفسهم وأجسادهم . وقد يوجهون الغضب نحو أنفسهم ويهاجمون أنفسهم. أمثال هؤلاء يتحملون كافة المسؤوليةعن أي صراعات في علاقاتهم ، ويلقون باللوم على أنفسهم بشكل مفرط ، ولا يثبتون أنفسهم حتى عندما يتوجب عليهم ذلك. وبينما يوجهون غضبهم نحو أنفسهم، فإنهم غالباً ما يعانون من الاكتئاب والقلق واضطرابات التجسيد (الإصابة بالمرض الجسدي والآلام نتيجة المشاعر السلبية).
المشكلة هي أنه، على الرغم من أن كبت الغضب عملية غير واعية، فإنه يحتاج إلى الكثير من الطاقة لقمع وتحويل الغضب. ولذلك، قد يجد هؤلاء الأشخاص الذين يعانون من الغضب المكبوت أنهم نادراً ما يشعرون بالغضب، ولكنهم يعانون من التعب المزمن.
كبت الغضب عند الصغار قد يطور لديهم آليات تكيفية ، مثل إيذاء النفس أو الخرس الاختياري أو اضطرابات الأكل. وعندما يكبر هؤلاء الأطفال، فإنهم يكونون أكثر عرضة للمعاناة من الاضطرابات الناجمة عن قمع المشاعر، مثل اضطراب الشخصية الحدية الهادئ أو الاكتئاب المزمن.حقيقة أخرى معروفة عن الغضب المكبوت هي أنه يمكن أن يسبب إجهادأً بدنياً ، حيث يؤدي إلى حدوث توتر داخلي، والذي يمكن أن يسبب لاحقاً مجموعة واسعة من الأمراض النفسية الجسدية، مثل عسر الهضم، والألم المزمن، والإرهاق المزمن، والصداع النصفي المتكرر، وحتى السرطان.
إن الناس لا يختارون قمع غضبهم بمحض إرادتهم . حيث يرى الباحثون أن تجارب الطفل المبكرة قد تكون سبباً في ذلك ، أي (عوامل التنشئة) ، والتكيف الاجتماعي الثقافيفي بيئة الطفل .
إذ ربما تعلم الفرد أن يقمع غضبه لأنه في طفولته تعرض للعقاب والإحباط ومنعه من الكلام والتجاهل عندما حاول التعبير عن نفسه.
نحن نعيش في ثقافة تعزز فكرة أن الأطفال يجب أن يكونوا “فتاة جيدة” و”فتى جيد“. ويحرص الوالدان ، إلى جانب المعلمين والمؤسسات الأخرى، على تكييف الأطفال علىالطاعة. وكلما حاول الأطفال التعبير عن الغضب، ربما بالصراخ ورمي الاشياء، كان الراشدون يسارعون إلىإيقافهم .
على الرغم من أن ميلنا لقمع الغضب قد يجد جذوره عميقاً في الماضي، لدينا الآن القدرة والحرية لاستعادة حقنا في الشعور والتعبير عن هذه المشاعر الطبيعية. فالغضب ليس سيئاً ؛ إنه يؤدي وظيفة مهمة وغالباً ما يحمل رسالة نحتاج إلى سماعها.
التعبير عن غضبك لا يعني أن تصبح عدوانياً أو تتصرف بطريقة غير لائقة . في الحقيقة ، كلما تمكنت من استخدام غضبك بشكل صحي كتوكيد للذات ، قلت احتمالية أن تصبح عدوانياً.
يمكنك أن تستخدم الغضب لتحفيز نفسك على فعل شيء يحسن حياتك وحياة والآخرين. على سبيل المثال، إن آذاكشخص ما مراراً وتكراراً، فاستخدم الغضب كمعلومات؛ فهو يخبرك أن تعيد صياغة حدودك بحزم ووضوح. أو إن تعرضت للخيانة ، فقد تتعهد بأن تعامل نفسك دائماً بطريقة أفضل من الطريقة التي يعاملك الآخرون بها.
مع الممارسة ، يمكنك أن تصبح جيداً في تحديد الغضب ومعرفة أسبابه الكامنة. ثم يمكنك استخدام الغضب كقوة دافعة لمساعدتك على حماية نفسك والدفاع عنها . كما يمكنك استخدام الغضب للتواصل مع احتياجاتك العاطفية وتلبيتها.
وتذكر بأن اعتنائك بنفسك وصحتك النفسية والجسدية واجب عليك .
دمتم بخير
إعداد الأخصائية : نورا الطويل
مدونة نفسجي
التعليقات
لا يوجد أي تعليقات لعرضها.
تسجيل الدخولمقالات أخرى
علم النفس والدين الاسلامي توافق لا تناقض
علم النفس والدّين الإسلامي: توافق لا تناقضغياب القيود المجتمعية عن الأفراد الغربيين مكّنهم من التعبير بحرية مطلقة عن مشاعرهم ورغباتهم المختلفة , كالرغبة في الانتحار والإقدام عليه, الأمر الذي يعدّ مصدر
10/10/2024الغذاء والصحة النفسية
يعتقد بعض الناس أن العواطف والمشاعر وحدها التي تتحكم بالصحة النفسية للإنسان إلا أن هذا الاعتقاد خاطئ لأن هناك جانب مهم سنتحدث عنه في هذا المقال وهو أثر الغذاء على الصحة النفسية العلاقة بين الغذا
03/04/2024الصحة النفسية في بيئة العمل
الصحة النفسية في بيئة العملعرفت منظمة الصحة العالمية WHO الصحة النفسية على انها الرفاه النفسي الذي يُمَكن الانسان من مواجهة الضغوطات الحياتية و الامضاء قدماً في التعليم و العمل مما يساهم في تنمية و تط
11/02/2024